المجــــــــــــــد للشـــــــــــــرفاء

وهكذا أثبت أبطالنا الأوليمبيون أن الحب ليس أعمى فحسب، ولكنه أيضا أصم وأطرش ولا منطق فيه ولا عقل ولا نعنى هنا شيئا سوى حب جمهور الرياضة المصرية لكرة القدم، إنها المعشوقة التى حبست بداخلها كل المصريين، وقيدتهم بسحرها وجاذبيتها فما عدنا نستطيع الحركة أو الخروج بخطوة واحدة خارج دائرتها المجنونة ويبدو أننا نؤمن بالمقولة الخالدة التى تؤكد أن ضرب الحبيب زى أكل الزبيب، فقد قررنا أن نتحمل كل ضربات حبيبتنا الكرة لعبتنا الشعبية الأولى، وكلما ضربتنا اقتربنا أكثر واحترقنا بنار محبتها أكثر وأكثر كأننا نجد لذة غامضة فى البحث عن الخسارات إلى درجة أعمتنا عن رؤية أبطال آخرين، ظلوا واقفين بمفردهم على الساحة ينتظرون هتافا من جماهير لا تراهم ومن رحم الصمت والتجاهل وفى ملاعب خالية من المشجعين والمهاويس والعشاق، تربى أبطالنا الأوليمبيون بعيدا عن أضواء الشهرة وشلالاتها الهادرة هناك فى قلب الأندية الصغيرة والبيوت الطيبة الصغيرة والشوارع والحوارى نبت رجال جدد وقرروا بهدوء أن يمنحونا المجد والشرف، دون دفوف وصاجات وطبول صحونا ذات صباح وذات مساء على أسماء مثل كرم جابر ومحمد الباز وأحمد إسماعيل ومحمد رضا وتامر صلاح بيومى تسطع وترفع علم مصر أمام عيون العالم كنا وقتها ـ ومازلنا ـ غارقين فى حواديت الشاطر إسلام الشاطر، البطل الورقى الذى شطر مصر كلها إلى نصفين وكشفت كل سوءات ومفاسد معشوقتنا كرة القدم ابتداء من الأندية وحتى مسئولى الاتحاد كنا غاقين فى الأموال التى يحصل عليها كاستيللوا وجوزيه وحازم إمام وقضية اليمانى وأبوخنجر، والبطولة العربية والأهلى والمحلة والمصرى وعصام عبدالمنعم وزاهر كنا شغوفين بلاعب مثل إبراهيم سعيد يتلاعب بالأهلى والزمالك كما يلعب الأطفال بالبلى كنا غارقين فى كل هذا وأفقنا على رجال جدد يقدمون لنا نحن النائمين فى غيبوبتنا ميداليات الشرف والمجد وكئوس السعادة، السعادة التى انتظرناها طويلا فجاءتنا دون أن نطلبها منهم إذن.. فالمجد لمن يستحقون المجد، للفقراء الذين جعلونا أثرياء ، للأبطال الذين منحونا البطولة، للشرفاء الذين منحونا الشرف رجال من دمنا وأرضنا، ونرجو أن يسامحونا لأن المحبة أعمتنا عنهم