إن الغرب لا يرى في الحجاب الإسلامي مجرد قطعة قماش تستر شعر المرأة أو رأسها أو وجهها وإنما يرى في الحجاب اختزالاً للحضارة الإسلامية تغزوه في عقر داره .
إن الحجاب يعني في المنظور الغربي أن الإسلام كله بقرآنه ومحمده وكعبته يتجسد في قطعة القماش هذه ، وفي هذه المرأة المحجبة التي تخطر في شوارع باريس أو لندن . وإن هذه الصورة تمثل بالنسبة له أخطر ألوان التحدي ،
إنها تذكره بطارق بن زياد وموسى بن نصير وعبد الرحمن الغافقي على تخوم باريس .
كما يرى الغرب في المرأة المحجبة وهي تتبختر في شوارع باريس أو غيرها كأنها ترفع راية الإسلام وتدوس قيم الغرب ، وتتحدى شعاراته البراقة ، وتهزأ بحضارته المبهرجة ، وتترفع عن مدنيته الزائفة ،
إنها تتشبث بأصالتها في وسط المعمعة ، وتلتف حول دينها وعفتها وشرفها في وسط تيار جارف من الإغراء واللذة . إن منظرها مثير جداً فهو يشبه منظر الجندي المستميت في وسط المعركة حين يرفع اللواء والرماح تنوشه من كل مكان فيظل ممسكاً به حتى تتقاسمه شفرات السيوف وأسنة الرماح . ومن هنا فالمرأة المسلمة في الغرب تؤدي بحجابها دور الداعية الصامتة ، إنها ترفع شعار ""
الكيان المستقل "" وتمثل أمام المرأة الغربية دور ""
العالَم المتميز "" فهي كيان مستقل عن عالم الرجال وعالم أنثوي متميز عن عالم الذكورة .
إن المرأة المسلمة بحجابها تحتكر أنوثتها وتمتلكها ولا تبددها في عالم الرجال ، إنها تنطوي في داخلها على سرٍ يجب أن يظل مطمحاً لعالم الرجولة تهفو إليه الرجولة فلا تنال منه إلا بقدر ما يتحقق من سعادة وكرامة إنسانية مشتركة .
ينما المرأة السافرة الفاتنة ترمي بلحمها وشحمها أمام الكلاب الجائعة ، والذئاب الغادرة ، والثعالب الماكرة ،
وهي بسفورها ومفاتنها تدفع بكفاءتها وإنسانيتها وفاعليتها إلى الوراء وتدفنها في الأعماق ،
وذلك لأن صوت الغريزة واللذة أقوى من صوت العقل – غالباً – وأقوى من صوت الحرية والتحضر والضمير والأخلاق ، هذه الشعارات الجوفاء التي تنادي بها العلمانية .د. أحمد إدريس الطعان
كلية الشريعة – جامعة دمشق
عزة الاسلام