السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
كرامتي . . أم طاعتي لزوجي ؟!
إن من المفاهيم ( الزوجية ) التي اختلط فيها الأمر بين واقع الحقيقة ورغبات النفس وهواها مفهوم ( الطاعة ) !!
زوجة تقول :
زوجي يأمرني .. ويطلبني أن أنفّذ كل ما يأمر به !!
تتساءل فتقول : هل أنا حقيبة في يده ؟!
وأخرى تقول :
زوجي لا يراعِ حالتي ومرضي وشعوري .. وكلما تباطأت في الاستجابة له سلّ عليّ سيفاً من النصوص التي تهزّ كياني من داخلي !!
هل لأجل أن أطيع زوجي أهين كرامتي ؟!
هل طاعة الزوج إهانة لكرامة المرأة ؟
وانسلاخ لها من إنسانيتها كإنسانة لها شعورها وإحساسها ؟!
في الأسطر القادمة أجتهد في أن أبيّن معنى هذا المفهوم بين الأزواج لأجل أن لا يطغى الرجل ولا تُهان المرأة ..
لأن الشريعة جاءت بكل ما فيها من أحكام وأوامر لكرامة هذا الانسان وإعزازه متى ما تمسّك بها على الحقيقة .
: : : : : * : : : : : * : : : : : * : : : : : * : : : : :
أولاً :
الأصل أن شعيرة الزواج من الشعائر التي حقها التعظيم .
لأن عقد النكاح من العقود التي عظّمها الله إذ أمر بالوفاء بالعقود عامّة وخصّ هذاالعقد بمزيد اهتمام وتأكيد بقوله : " واخذن منكم ميثاقاً غليظاً "
وتعظيم شعائره دلالة تقوى القلب : " ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب "
ومن لا يعظّم شعائر الله فإن ذلك من فساد القلب وغفلته وهوانه على الله .
فمعرفة هذاالأصل عند كلا الزوجين يوقفهما على عظم المسؤوليّة والأمانة .
ثانياً :
النكاح نوع رق - للمرأة - .
فقد روي عن عائشة واسماء رضي الله عنهما أنهما قالتا : النكاح رقّ فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته .
ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال في خطبة حجة الوداع : " اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم اتخذتموهن بأمانة الله و استحللتم فروجهن بكلمة الله "
ومعنى ( عوان ) أي : اسيرات ، وكل من ذل واستكان وخضع فقد عنا يعنو أو هو عان والمرأة عانية وجمعها عوان .
ومعنى هذا أنه ينبغي على أولياء أمور الفتيات ، وعلى الفتيات أيضاً أن يخترن لأنفسهنّ من اجتمع فيه وصف وصية النبوة : " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " . ومن الفتن التي قد تصيب الفتاة عندما تتساهل بمثل هذه الوصية أن يبتليها الله بزوج يستغل ضعفها فيزيد ذلّها ، ويمعن في الإذلال حتى لكأنها ( حقيبة بيده ) !!
والمقصود أن تحرص الفتاة ويحرص وأولياؤها على اختيار من جمع بين :
( الدين والخًلق ) ولا يغني بعض عن بعض !
ثالثاً :
( الرجال قوّامون على النساء ) ..
فلمّأ كانت العلاقة بين الرجل والمرأة بالزواج علاقة هي اساس في بناء المجتمع ، ولمّا كان الرجل ليس كالمرأة في الخَلق وما يتبع ذلك من اختلاف في الأفهام والتقدير ونحو ذلك كان لابد وان يُصان هذا الأساس ، وأن يحمى جنابه حتى لا يتصدّع فكان ولابد أن أن يكون له نظام ينتظم به ، فمن حكمة الله تعالى أن جعل الرجل هو القوّام المعلّم للمرأة والأسرة من بعده .
فكانت هذه القوامة ضرورة لحماية هذا الصرح وهذاالكيان ، وهي قوامة للبناء لا للعناء ..
وغايتها هو رعاية هذه المملكة ووقايتها مما قد يكون مهدّداً لها بالفشل أو الانهيار !
رابعاً :
للرجل القوامة وعلى المرأة الطاعة .
فإن من لوازم القوامة أن الطاعة تكون من البعض للكل ؛ فإن الله خلق الأنثى من الرجل فهي بعض منه .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : الرجال قوّامون على النساء يعني : أمراء ، عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته .
وللقوامة أدابها - ليس هنا مجال ذكرها - إذ المهم أن اشير ها هنا على أن دور المرأة في علاقتها مع زوجها ينطلق من ها هنا ( من الطاعة ) . . ولمّا كان أمر الطاعة أمر معلوم دلالته نقلاً وعقلاً ..
فإني سأتجاوز ذلك إلى الإشارة إلى ثمار هذه الطاعة وفوائدها ، فمن ذلك :
1 - طاعة المرأة لزوجها أمارة صلاحها .
فإن الله قد وصف الصالحات بقوله : " فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله "
قال ابن عباس رضي الله عنهما : " قناتات " يعني مطيعات لأزواجهنّ .
وتأملي - أخيّة - أن الله قال " قانتات " ولم يقل " طائعات " وذلك لأن القنوت هو شدّة الطاعة التي ليس معها معصية ، وهي طاعة فيها معنى السكون والاستقرار للأمر .. وليست هي طاعة القهر ..
فإن المقهور لا يُقال له أنه ( قانت ) لمن قهره !
مما يدلّ على أنه ينبغي على الزوجة أن تطيع زوجها وهي راضية بأمره ، وعلى الزوج أن يأمرها بما يكون له فيها عون على أن تقبل أمره بسكون وحب واستقرار ..
2- طاعة المرأة لزوجها من أعظم أسباب دخولها إلى الجنة ، فقد جاء في الأثر عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حصنت فرجها و أطاعت زوجها قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " صححه الألباني في صحيح الجامع برقم 660
3 - طاعة المرأة لزوجها تغذية لأنوثتها .
إذ ان التزام المرأة بالطاعة - وعدم انقلاب الأمر - يتحقّق به شعور المرأة بأنوثتها ، بع** شعور المرأة التي يكون لها الأمر والنهي عند زوج لا يحرّك ساكناً مغلوب على أمره !
فكم من زوجة كان قدرها مع رجل ضعيف الشخصية ، ليس له شأن ولا أمر .. فتمنّت أن الأمر لم يكن كذلك !!
4 - أن في طاعة المرأة لزوجها امتثال لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذا الامتثال صورة من صور تعظيم هذه المرأة لهذه العلاقة التي عظّمها الله تعالى .
5 - طاعة المرأة لزوجها تعدل الحج والجهاد في سبيل الله .
فعن أسماء بنت يزيد الأنصارية - من بني عبد الأشهل - أنها أتت النبي صلى الله عليه و سلم و هو بين أصحابه فقالت : بأبي أنت و أمي إني وافدة النساء إليك و أعلم نفسي لك الفداء ، أما إنه ما من امرأة كائنة في شرق و لا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا و هي على مثل رأى .
إن الله بعثك بالحق إلى الرجال و النساء فآمنا بك وبإلاهك الذي أرسلك ، و إنّا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم و مقضى شهواتكم و حاملات أولادكم ، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة و الجماعات و عيادة المرضى و شهود الجنائز و الحج بعد الحج و أفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله .
وإن الرجل منكم إذا أخرج حاجا أو معتمرا و مرابطا حفظنا لكم أموالكم و غزلنا لكم أثوابا و ربينا لكم أولادكم فما نشارككم في الأجر يا رسول الله ؟
فالتفت النبي صلى الله عليه و سلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال : " هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسألتها في أمر دينها من هذه ؟ "
فقالوا : يا رسول الله ما ظننا أن المرأة تهتدي ألى مثل هذا!
فالتفت النبي صلى الله عليه و سلم إليها ثم قال لها : " انصرفي أيتها المرأة و أعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها و طلبها مرضاته و اتباعها موافقته تعدل ذلك كله " .
فأدبرت المرأة و هي تهلل و تكبر استبشارا . .
فتأملي كيف أن طاعة الزوج وحسن التبعّل له عدلت هذه الأعمال العظيمة في الفضل ، وليس ذلك إلاّ للمطيعات أزواجهنّ !
6 - وفي الطاعة خروج من تبعة المعصية !
فقد جاء في بعض الاثار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة : إمام قوم وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها عليها غضبان وأخوان متصارمان " ..
فكم في الطاعة من نعيم حتى مع المشقة !